مقابر الأرقام هي مقابر سريّة قامت سلطات الاحتلال على احتجاز جثامين شهداء فلسطينيين وعرب فيها، وتحديدا من منفذي العمليات الفدائيّة إلى حين تسليمهم في صفقات تبادل أو غيرها.

 

 

 

ووفقا للتقارير الفلسطينية، فإنّ سلطات الاحتلال تقوم بهذا الأمر لهدفين أساسيين: الأول يتمثل في تشكيل رادع للفلسطينيين في محاولة لمنعهم من تنفيذ عمليات فدائية. أما الهدف الثاني فهو استخدام الجثامين كورقة مساومة في أي صفقات تبادل مستقبلية مع حركات المقاومة.

 

 

 

وقد سمّيت المقابر بـ”مقابر الأرقام”؛ لأن سلطات الاحتلال تضع أمام كل قبر لافتة حديدية صغيرة تحمل رقما يرمز للشهيد من دون اسمه. وتعتبر مقابر الأرقام مناطق عسكرية مغلقة، إذ تمنع سلطات الاحتلال الوصول إليها من دون موافقة مسبقة.

ولا توجد معلومات أكيدة وواضحة حول أعداد مقابر الأرقام وأماكنها. إلا أن جيش الاحتلال صرّح في عام 2003 في معرض ردّه على رسالة وجهتها له مؤسسة حقوقية إسرائيلية، أنّ هناك مقبرتين فقط هما “مقبرة عميعاد” قرب صفد، ومقبرة جسر آدم في غور الأردن.

ولا ينفي هذا التصريح وجود مقابر أخرى غير معلن عنها. ففي عام 2013، عندما تمّ الإفراج عن بعض الجثامين، تبيّن أن هناك 5 مقابر على الأقل، واحدة منها في منطقة بئر السّبع، لم يكن وجودها معلناً.

 

 

 

 

 

 

كما كشفت تلك المقابر بواسطة مصادر صحفية إسرائيلية وأجنبية

 

 

1. مقبرة الأرقام المجاورة لجسر “بنات يعقوب” وتقع في منطقة عسكرية، عند ملتقى الحدود الإسرائيلية – السورية – اللبنانية، وتفيد بعض المصادر بوجود ما يقرب من 500 قبر فيها، لشهداء فلسطينيين ولبنانيين، غالبيتهم ممن سقطوا في حرب 1982، وما بعد ذلك.

 

 

2. مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة أريحا وجسر دامية في غور الأردن، وهي محاطة بجدار، فيه بوابة حديدية، معلق فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية: “مقبرة لضحايا العدو”، ويوجد فيها أكثر من مائة قبر، وتحمل هذه القبور أرقاماً من “5003 – 5107″، ويحتمل أن تكون هذه الأرقام تسلسليه لقبور في مقابر أخرى، إلا أن إسرائيل تدعي بأنها مجرد إشارات ورموز إدارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر أخرى.

 

 

 

 

 

3. مقبرة “ريفيديم” وتقع في غور الأردن.

 

4. مقبرة “شحيطة” وتقع في قرية وادي الحمام، شمال مدينة طبريا الواقعة بين جبل أربيل وبحيرة طبريا. غالبية الجثامين فيها لشهداء معارك منطقة الأغوار بين عامي 1965 – 1975. وفي الجهة الشمالية من هذه المقبرة، تصطف نحو 30 من الأضرحة في صفين طويلين، فيما ينتشر في وسطها نحو 20 ضريحاً، ومما يثير المشاعر؛ كون هذه المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق؛ ما يعرضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة والوحوش الضارية.

 

 

 

 

ولكن متى تأسست؟؟

 

هناك مؤسسات حقوقية وإنسانية عدة تؤكد على أن «مقابر الأرقام» تعود إلى بداية تأسيس إسرائيل، إلا أنها تكرست منذ انطلاق العمل الفلسطيني المسلح بعد الرابع من يونيو عام 1967، كما تؤكد هذه المؤسسات أنها لم تستطع معرفة العدد الحقيقي لـ«مقابر الأرقام» وأماكنها، وعدد الشهداء المدفونين داخلها، وهوياتهم. ووفق معطيات الصحافة الإسرائيلية، فإن تلك المقابر تفتقد إلى الحد الأدنى من المواصفات التي تصلح لدفن الأموات من البشر، حتى أن بعضها ربما يكون قد أزيل تماماً بفعل انجرافات التربة، كما أن الطريقة التي يجري فيها التعامل مع جثامين الشهداء الذين يدفنون فيها مهينة، إذ يجري في أغلبية الأحيان طمر الشهيد بالرمال والطين، من دون وضع عازل إسمنتي، كذلك أحياناً يدفن أكثر من شهيد في الحفرة نفسها، وربما تضم الحفر شهداء من الرجال والنساء.

 

 

 

ووفق «الحملة»، فإن ما جرى توثيقه استناداً إلى بلاغات عائلات الشهداء والفصائل التي كانوا ينتمون إليها، هو احتجاز جثامين 400 شهيد، وتحرير 131 منها، ولا تزال 253 جثماناً محتجزاً حتى الآن.

 

 

 

وتؤكد الحملة أن عدد الشهداء في مقابر الأرقام يفوق هذا العدد، استناداً إلى المعلومات المتداولة حول أعداد القبور داخلها، مردفة أن هناك 68 مفقوداً منذ بداية الاحتلال حتى اليوم، لا يُعرف مصيرهم، وتُنكر أي معلومات حولهم.

 

 

 

ومنذ عام 2015 وحتى اليوم، احتجز الاحتلال جثامين أكثر من 220 شهيداً لفترات زمنية مختلفة (من أيام إلى أشهر، وبعض الشهداء أكثر من عامين) أفرج عن معظمها، وأبقي على 29 جثماناً محتجزاً حتى الآن.

 

 

 

وكان هناك محاولات عده للتفاوض

 

ولكن تمتنع سلطات الاحتلال عن إعطاء أي معلومات حول عدد جثامين الشهداء المحتجزة، أو أماكن احتجازها، وترفض إصدار شهادات وفاة بأسماء الشهداء.

 

 

 

وعلى الرغم من أن محكمة الاحتلال أصدرت قانوناً عام 2017، باعتبار حجز جثامين الشهداء غير قانوني، فإنه لم تصدر قراراً بإطلاق الجثامين، بذرائع واهية، كان آخرها استخدام الجثامين ورقة للتفاوض حول الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة لدى حركة حماس، رغم أن سياسة احتجاز جثامين الشهداء سابقة لولادة الحركة، ما يؤكد أن هذا النهج يضرب بجذوره في عمق السياسة العنصرية الإسرائيلية، التي تنتقم من الأشخاص حتى بعد استشهادهم.

أحمد سالم الملواني

كاتب صحفي ورئيس مجلس الادارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات