يؤكد الخطاب الديني اليهودي المعاصر على أهمية فريضة الفصح، ويحث اليهود على الالتزام بها برغم ما تنطوي عليه من أمور يعتبرها الإنسان العصري ضربًا من التشدد، ولا يمكن التعايش معها، خاصة الاستغناء عن الخمير الذي يدخل ضمن مكونات العديد من المنتجات الغذائية الحديثة التي لا يخلو منها أي منزل. ورغم ذلك فقد أكد الفقهاء المعاصرون (الحاخامات) على أن عيد الفصح هو أهم الأعياد في العقيدة اليهودية، فكما أنه ذكرى الخلاص من العبودية في مصر، فهو كذلك الخلاص المأمول في العصر الحالي؛

 

 

 

إذ يؤكد الفقهاء أن خلاص اليهود وإعادة بناء بيت المقدس لن يتم إلا بالحفاظ على فريضة الفصح وأدائها على الوجه الصحيح وبالدقة المطلوبة.

وقد وضعوا دليلًا لليهودي المعاصر يستعين به لأداء فريضة الفصح كما يجب، فوضعوا قوائمًا بالأطعمة والمنتجات الغذائية المتوفرة في الأسواق، توضح ما يصلح منها في الفصح وما لا يصلح. كما بينوا الحكم الشرعي لما لا يصلح منها في الفصح، فبعضها يجب أن يحرق، وبعضها يجب أن يباع، وبعضها يُفضل أن يباع. والمقصود بالبيع هنا هو البيع الصوري لغير اليهود على أن يُسترد بعد الفصح. وقد حرص الحاخامات على وجود منتجات غذائية في السوق تحمل عبارة (صالح شرعًا للفصح)، وشددوا على ضرورة أن يتأكد المرء من أنها صالحة للفصح، ولا تحمل عبارة (صالح شرعًا) فقط، التي تشير إلى الصلاحية الشرعية وفقًا للشريعة اليهودية،

 

 

 

 

أي لا يدخل في تركيبها أحد المكونات التي حرمتها الشريعة اليهودية، مثل المواد المستخلصة من الخنزير الذي تحرم اليهودية أكله، وإن كان المنتج من اللحوم، فمعنى صلاحيته الشرعية، أن اللحم مستخلص من ذبيحة ذبحت ذبحًا شرعيًا وفقًا للشريعة اليهودية، كما تشير الصلاحية الشرعية أيضًا إلى أن المنتج لا يجمع بين اللحم واللبن أو منتجاته، إذ تحرم الشريعة اليهودية الخلط بين اللحم واللبن، وعليه تكون بعض الأطعمة المعاصرة التي تختلط فيها اللحوم بالأجبان مثلًا محرمة في اليهودية مثل الساندوتشات الشهيرة التي تحتوي لحم البرجر مضافًا إليه أنواع من الجبن cheese burger أو أنواع البيتزا التي تحوي لحومًا أو دجاجًا. أما الصلاحية للفصح فتعني، أن المنتج، بالإضافة لما سبق يخلو من الخمير. كما نبهوا على ضرورة مقاطعة منتجات شركات معينة سموها بـأسمائها، في الفصح، لأنها تجمع بين بعض المكونات التي يؤدي تفاعلها معًا إلى التخمر.

 

 

 

كما راعى الفقهاء المعاصرون (الحاخامات) عند إعداد تلك القوائم الفوارق الطائفية لليهود والعادات المتبعة لديهم، بما لا يتنافى مع الشرع، فميزوا بين بعض الأمور التي منها ما يخص اليهود الشرقيين (السفراديم) ومنها ما يخص اليهود الغربيين (الاشكناز) وأشاروا إلى ذلك عند الضرورة.

أحمد سالم الملواني

كاتب صحفي ورئيس مجلس الادارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات